تعريف الإرشاد الأسري
كل شخص يمر في حياته بمراحل نمو مختلفة، وهناك ما يسمى بمرحلة الشباب التي يحتاج فيها الفرد إلي نصح وإرشاد من قبل الآباء لأبنائهم، خاصةً في هذا العصر الملئ بالقلق والشغب، فيحتاج أولادنا إلي توجيه وإرشاد سواء في البيت أو في المدارس من قبل الأستاذة أو في المجتمع عموماً، لضمان تحقيق التوازن المرغوب فيه بين الأفراد والبيئة المحيطة، كما أن مفهوم الإرشاد الأسري يشمل مساعدة أفراد الأسرة وتعاونهم فيما بينهم على فهم الحياة الأسرية ومسؤولياتها، من أجل وصول الأسرة إلي مرحلة من الإستقرار النفسي، ومعرفة حل أي مشكلة تطرأ علي الأسرة بهدوء وسلاسة، وهناك هدف سامي للإرشاد والتوجيه وهو ما يدعي التوجيه الذاتي؛ حيث يستطيع الفرد إكتشاف ذاته ومعرفة نقاط القوة والضعف الخاصة به، وإدراك كافة المخاطر المحيطة به، وبهذا يكون حقق الفرد توجيه ذاته ضمن المعايير الإجتماعية والأخلاقية وتحديد أهداف الحياة.
وصف شامل للإرشاد الأسري
يعتبر الإرشاد الأسري فن من فنون العلاقات الإجتماعية، الذي يهدف إلى مساعدة أفراد الأسرة في تفهم ظروفها والتعرف على إيجابياتها وسلبياتها، وهذا يضمن معرفة الأسرة حل مشكلاتها بطريقة صحيحة وتحقيق التوافق الأسري، كما نال الإرشاد الأسري إهتماماً واضحاً في جميع أنحاء العالم منذ النصف الثاني من القرن 20. يعتبر الإرشاد الأسري من التخصصات الفنية والعلمية، الذي يهتم به المتخصصون في علم الطب النفسي وعلم النفس والخدمة الاجتماعية، وتكمن أهميته في معرفة ودراية الفرد بمشاعره وأفكاره التي تدور بخاطره، ومن ثم زيادة قدرته على العمل الإيجابي لمنع تواجد بعض المشاكل مثل، الخلافات الزوجية والتفكك الأسري وإنطواء الذات.
الخلافات الزوجية والتفكك الأسري
لا شك أن الإرشاد الأسري يكون محور إرتكازه ونقطة إنطلاقه هي الأسرة وليس الفرد نفسه، بمعنى أن الأسرة ككل تحتاج إلى رعاية وإهتمام كأنها جسد واحد وروح واحدة كما أوصانا ديننا الإسلامي، ونلاحظ أن السبب الرئيسي في التفكك الأسري هو الخلافات الزوجية، عندما يتشاجرون الأزواج أمام أبنائهم في البيت، وهذا ينعكس بالسلب علي الأبناء وطريقة نشأتهم، من حبهم للعزلة والإنطوائية والتصرف بعدوانية. وكما نرى في مجتمعنا الآن قضايا الأحداث التي يتورط فيها الأطفال بسبب العدوانية والتفكك الأسري، وغياب الأب الذي له دور هام جداً في التوجيه والإرشاد خاصةً في مرحلة المراهقة. ولأن الخلافات الزوجية وكثرة الشجار بين الأزواج أمام الأطفال، يفقد الطفل الشعور بالإطمئنان والأمن، وينشأ الطفل مضطرب نفسياً ويكبر في ظل هذه الخلافات ويولد بداخله حالة من الإكتئاب النفسي، ولذلك يجب على الوالدين علاج وحل هذه المشاكل الزوجية بحكمة وعقل، من أجل إنقاذ أبنائهم وعدم تشتيت مشاعرهم، وأن يعي الوالدين دور كل منهم بداخل الأسرة، من نصح وإرشاد وعطف وحنان.
أهداف الإرشاد الأسري
في ظل الأوضاع التي نعيشها في الوقت الحاضر سواء في مجتمعنا أوفي العالم بأكمله، حيث تتزايد الضغوطات الإجتماعية والإقتصادية والنفسية، وهذه الضغوطات تؤثر بالسلب وتضعف القيم والمبادئ الأسرية، وتزيد من الصراعات النفسية بين أفراد الأسرة، ولهذا قام الإرشاد الأسري بوضع بعض الأهداف التي تساعد في بناء أسرة ناجحة سعيدة وهي كالتالي:
- تهيئة جو أسري سليم من أجل إنشاء وبناء سلوك الأبناء بناءً صحيحاً.
- الحدة من المشاكل الأسرية التي قد تؤدي إلي التفكك الأسري، وتحقيق الألفة والمودة بين الأزواج.
- تعلم المفاهيم الإيجابية الأسرية، التي نصت عليها أحكام الشريعة الإسلامية وأوصانا بها رسولنا الكريم.
- تحقيق إستقرار الأسرة عن طريق الإنسجام والتوازن بين كل فرد من أفرادها.
- نصح وتوعية الفتيات المقبلين على الزواج، ومعرفتهم الحقوق والواجبات تجاه أسرتهم.
- الحد من نسب الطلاق، ومعرفة الوالدين الطرق السليمة لحل مشاكلهم من أجل مصلحة الأبناء.
- القيام بمزيد من الفعاليات في أداء المهمات الإجتماعية والنفسية، لضمان توافر جو أسري ملئ بالأمن والطمأنينة.
- تحقيق المزيد من النمو الشخصي، والعمل على تنمية العلاقات الإيجابية بين الآخرين سواء داخل الأسرة أو خارجها.
- تحقيق سعادة وإستمرار الأسر وبالتالي سعادة المجتمع وإستقراره، وتعليم أصول الحياة الأسرية ووسائل تربية الأبناء وعملية نشاتهم.
- إستعانة الأسر بالمرشد من أجل حل مشاكلها، من خلال فتح حوار بين أفراد الأسرة وتبادل الحديث البناء وفهم وجهات النظر المختلفة، ومن ثم يحدد المسترشدين سبب المشكلة الرئيسي والبدء في التدريب عليها.
دور المرشد في الإرشاد الأسري
يقوم المرشد بوضع منهج وإستراتيجية معينة من أجل حل المشكلات الزوجية والأسرية بشكل عام المرحلة الأولى تحديد نمط الشخصية للحالة: يجب على المرشد منذ البداية تحديد نمط شخصية صاحب المشكلة أو الحالة، من خلال معرفته وخبرته في تحديد أنواع الشخصيات، ومن ثم تحديد الإرشادات الطبية والعلاج السليم، فهناك شخصيات روتينية لا تحب التفاعل مع الأسرة أو الزوج أو حتي البيئة المحيطة بها، فهي دائما التي تفتعل المشاكل ولا تقوم بالتعليمات ولا تلتزم بالنظام والآداب، ورغم كل هذا تدعي أنها مظلومة وهي في الأصل المحور الأساسي للمشكلة. وعلي الجانب الآخر هناك الشخصية النرجسية التي تعتاد الشكوى والتذمر دائماً، ولا تقبل الرأي الآخر وتحتقر رأي الجميع ورأيها هو الأهم والأصح، وهذه الشخصية سواء رجل أو إمرأة هي المفتعلة للمشاكل، ومع ذلك إذا واجهها المرشد بأخطائها وصفاتها السيئة تعترف بها وتعتذر من أجلها، وبمجرد إكتشاف المرشد هذه الشخصيات يسهل عليه التشخيص وتغير نمط حياة الشخصية. المرحلة الثانية تحديد المرشد الجانب الذاتي لصاحب المشكلة، وهو ما يسمى " الهدف الذاتي الذي لا يتحقق ": تحدث الكثير من المشاكل الأسرية أحياناً بسبب أشياء مجهولة وغير معلومة، وهنا يظهر دور المرشد الأسري وذكائه في التعامل مع مثل تلك المواقف وإكتشافه للخفايا الغير ظاهرة، ووصوله إلى نتائج مقنعة والعلاج الصحيح في حل المشاكل الخفية بسرعة. شاهد أيضا:-تعريف الإرشاد الأسري.. تاريخه..وأهم اهدافه
المرحلة الثالثة تحديد نمط السلوك عند صاحب المشكلة:
يجب على المرشد معرفة السلوك الإجتماعي لصاحب المشكلة منذ البداية عند مواجهته للمشاكل، لأن هذه المرحلة مهمة جداً في عملية العلاج، لذلك منذ البداية يحدد المرشد سلوك صاحب المشكلة سواء أكان شخص يحب العزلة عند مواجهته للمشاكل، شخص روتيني، شخصية عنيفة، شخص مراوغ يتخلص من المشاكل بسهولة، شخص مبتدع. المرحلة الرابعة ضبط مراحل التغير في المشكلة: من الضروري أن يحدد المرشد إلي أي مرحلة وصلت المشكلة وما هي حجم المشكلة أثناء حديث صاحب الحالة، فيمكن أن تكون المشكلة في مرحلة البداية أو في منتصفها أو وصلت إلي مراحلها الأخيرة المزمنة، فإذا حدد المرشد هذه الخطوة فإنه قد وصل إلي مرحلة التشخيص ووصف العلاج المناسب لكل مرحلة منهم.
تاريخ الإرشاد الأسري وتطوره
ظهر التوجيه والإرشاد الأسري من بداية السبعينات في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت وهو يكتسب آفاقاً جديدة في الكثير من الأماكن، حيث نال إهتماماً مبالغاً فيه وجهود عظيمة من قبل المعالجين النفسيين والمرشدين، الذين يرون فيه أسلوباً أكثر كفاءة عن غيره من العلوم الأخرى كما ظهر الإرشاد الأسري كطريقة إرشادية علاجية قبل فترة السبعينات، فمن المؤكد أن تكون في فترة الخمسينات، وذلك بسبب توافر بعض العوامل التي تمكنت من ظهور الإرشاد الأسري في هذه الفترة، والتي عرفت بسيادة الاتجاه التحليلي ومحاولة فهم الإنسان عقلياً. دبلوم مهارات المستشار الاسرى و التربوى
Updated at: 2024-12-25 13:17:15